شعر رومنسي قصير
يعدّ الشّعر من الفنون الأدبيّة، والتي أبدع الكثير من الشّعراء في إتقانها؛ فهذا الفنّ يحتاج إلى موهبةٍ حقيقيّة وإحساس عالٍ جداً، وذلك لكي يعبّر الشّاعر عمّا يدور في نفسه، وسنذكر هنا بعضاً من هذه الأبيات:
أسهرتني يا غلا
أسهرتنـي يا غـلا والنـّاس هـجّـاعِ
النّـوم عـنّـي جـلا يا زيــن الأطبـاعِ
الهم منّـك اعتلى والصدّ بك شاعِ
ما قلت لي وش بلا العهد منك ضاعِ
من بدّ كـلّ المـلا عـيني لك تراعي
يا كـامـلٍ بالـحـلى ما للـجـنا داعٍ
ارجع ترى لك وله من بين الأضلاعِ
إن جـيت لي يا هــلا مانـي بـطمـاعِ.
إنت الذوق وإنت الحسن
إنت الذوق، وإنت الحسن، وإنت الزّين بألوانه
جيتك شايلٍ وردة حمرا عطرها موزون
وبس عرفت لمن بتروح ذبلت حيــل خجلانه
ألا سبحان هالخالق أمره بين كاف ونون
وهبك الحسن ويّا الذّوق، وصرتي أوّل أركانه
كواكب هالسّما بالليل لي من تظهري يسرون
ولو تمشين في وادي توقف ذل غدرانه.
صدقيني يا حياتي
صدّقيني يـا حـيـاتـي مـا تــمـــنّـيــت إلا أنتِ
وإنّي عمري في حياتي ما وصلت لعشق غيرك
صدّقيني لــو بــــيـدّي أمـلـكـك طــول الـحـيــاة
عـمر قـلبي يـوم حـبّك ما نـوى في يوم هجرك
صدّقيني وزن الدّنيا بكفّ، وأنت ياعمري بكفّ
كفّـك الغـالب يا عـمري، وتـرخص الدّنـيا لغلاك
صدّقيني أنتِ هـمّي، أنتِ عمري، أنتِ روحي
ينـجـرح قـلـبي وقـلـبـك، مابي مـنـه إلا رضــاك
صدّقيني مهما أوصف لك مدى حبّي وإعجابي
مـا أوصــل معـنى حـبّـك، لأنّ روحـي في هواك.
يتيمة فرحتي
يتيمـة فرحتـي، والله يتيمـة، يـحسدوني عـلى فرحـة يتيمة
حبيبي والله إنّي فيك مغـرم، ونـفــسٍ مالهـا ذمّـة سقـيمــة
حبيبي كلّ شيء فيني ملكته، ونار الحـبّ فـي جوفي ظريـمــة
إذا روحي لها في حبّك ذنـوب، هلا بذنـوبـها لو هي ظـليمــة
وإذا في حبّـك إجرامٍ ارتكـبته، فـأنا كـلّي فـخر بأعظـم جريمـة.
لا يا بعد كلي
لا يــا بــعــد كــلــي حــيــاتــي تســاويك
اقــطــع وريــدي وإن نـــبض حبّ ثـــانٍ
ثـــــلاث فـيــنــي كــلــهــا تــرتـبــط فـــيك
أعشــقك.. أحبّـــك.. والـهــوى صــار عنواني
وإن كــان مــا تـــدري أنــا أقــول وأطريــك
حـــبّك مـلــكـنــي في ضـــميري ووجــداني.
لو أشوفك في أيّ حال
لو أشوفــك فـي أيّ حال، مثـلك مثل غـيـرك
ولا ظرف اللقا يغيرني
فرقـاك أصوّرها زوال، وعينـي ما ترى عـينـك
أبلقى غيرك بيسعدني
حـتّى ولا برسـم الخيال، تغرينـي بـزيـنـــك
تـرى خوفي الذي أبعدني
أخاف من حـكـيٍ يقـال، وتـصدقيـن مـحـاكينك
وتغلط أكثر وتظلمني
لا واخسـارة وقت الوصال، عـن غـايتـي ويـنـك
شوق الحبّ لك سيّرني
حبّك ترى من القلب زال، وامسح ذكراي بيدينك
أنا كلي أمل تعذرني
منـك الخـطا، منّـك الإهمال، ضـيّـعت مغـلـينـك
صبري من الأسى ودّعني
لك فـي هـوى غيـري مـجال، قـدّامك سـنينــك
غريب أنا تصوّرني.
يا معشر العشّاق
يا معشر العشّاق بالله خبّروا
إذا حلّ عشق بالفتى كيف يصنع
يداري هواه، ثمّ يكتم سرّه
ويصبر في كلّ الأمور ويخضع
كيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفي كلّ يوم قلبه يتقطّع.
واللي خلق ظلم الليالي
واللي خلق ظلم الليالي في العيون الهاجعه
إنّي من الحرمــان أتســاءل وحرماني جواب
يــوم الوداع تخيّـلي مــالي حبيـب أودّعــه
محروم أنا وتخيّلي محروم حتّى من العذاب.
سأقول لك أحبّك
-نزار قبّاني.
سَأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه
فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..
عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي
في تغيير حجارة هذا العالمْ
وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ
شجرةً بعد شَجَرَة
وكوكباً بعد كوكبْ
وقصيدةً بعد قصيدَة
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري
ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا
وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة
هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً،
على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري،
ومراكبي الورقيَّهْ..
واستعادةِ الزّمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ..
حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..
فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،
بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصّيفْ..
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..
والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..
والحضارةَ حتى تتحضَّرْ..
والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..
والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ..
ويصبح النّومُ على وَرَقة الكتابَهْ
ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ..
خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..
ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..
كَلِمَةً كَلِمَهْ..
ومقطعاً مقطعاً...
إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..
لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ...
والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ..
إن شَرْطَ الشّهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ
فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..
وأموتُ عندما أنساها..
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني..
وأعودُ شخصاً واحداً..
سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصّحراءُ في داخلي.
وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطئ دمي..
الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثّالث فوق جَسَدي..
التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً...
فشوَّهتُ ذُكُورتي..
وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ..
بِتُهْمةِ الأُنوثهْ...
لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..
ورُبَّما لن أَقولَها غداً..
فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ
والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..
والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السّنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..
فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..
لِتُصبِحي حبيبتي؟؟
أحبّك أحبّك والبقيّة تأتي
-نزار قبّاني.
حديثك سجادةٌ فارسيّه..
وعيناك عصفوتان دمشقيّتان..
تطيران بين الجدار وبين الجدار..
وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك،
ويأخذ قيلولةً تحت ظل السّوار..
وإنّي أحبّك..
لكن أخاف التّورط فيك،
أخاف التّوحد فيك،
أخاف التّقمص فيك،
فقد علمتني التّجارب أن أتجنب عشق النّساء،
وموج البحار..
أنا لا أناقش حبّك.. فهو نهاري
ولست أناقش شمس النّهار
أنا لا أناقش حبّك..
فهو يقرّر في أيّ يوم سيأتي.. وفي أيّ يومٍ سيذهب..
وهو يحدد وقت الحوار، وشكل الحوار..
دعيني أصبّ لك الشّاي،
أنت خرافيّة الحسن هذا الصّباح،
وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مرّاكشيه
وعقدك يلعب كالطّفل تحت المرايا..
ويرتشف الماء من شفة المزهريّه
دعيني أصبّ لك الشّاي، هل قلت إنّي أحبّك؟
هل قلت إنّي سعيدٌ لأنّك جئت..
وأنّ حضورك يسعد مثل حضور القصيده
ومثل حضور المراكب، والذّكريات البعيده..
دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك..
دعيني، أعبّر عما يدور ببال الفناجين،
وهي تفكّر في شفتيك..
وبال الملاعق، والسّكريه..
دعيني أضيفك حرفاً جديداً..
على أحرف الأبجديّه..
دعيني أناقض نفسي قليلاً
وأجمع في الحبّ بين الحضارة والبربريّه.
يطير الحمام .. يحطُّ الحمام
-محمود درويش.
أعدِّي ليَ الأرضَ كي أستريحَ
فإني أُحبُّكِ حتى التّعَبْ...
صباحك فاكهةٌ للأغاني
وهذا المساءُ ذَهَبْ
ونحن لنا حين يدخل ظِلٌُ إلى ظِلّه في الرّخام
وأُشْبِهُ نَفْسِيَ حين أُعلِّقُ نفسي
على عُنُقٍ لا تُعَانِقُ غَيرَ الغَمامِ
وأنتِ الهواءُ الذي يتعرَّى أمامي كدمع العِنَبْ
وأنت بدايةُ عائلة الموج حين تَشَبَّثَ بالبِّر
حين اغتربْ
وإني أُحبُّكِ، أنتِ بدايةُ روحي، وأنت الختامُ
يطير الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
أنا وحبيبيَ صوتان في شَفَةٍ واحدهْ
أنا لحبيبي أنا، وحبيبي لنجمته الشاردهْ
وندخل في الحُلْمِ، لكنَّهُ يَتَبَاطَأُ كي لا نراهُ
وحين ينامُ حبيبي أصحو لكي أحرس الحُلْمَ
ممّا يراهُ..
وأطردُ عنه الليالي التي عبرتْ قبل أن نلتقي
وأختارُ أيَّامنا بيديّ
كما اختار لي وردةَ المائدهْ
فَنَمْ يا حبيبي
ليصعد صوتُ البحار إلى ركبتيّ
وَنَمْ يا حبيبي
لأهبط فيك وأُنقذَ حُلْمَكَ من شوكةٍ حامدهْ
وَنَمْ يا حبيبي ..
عليكَ ضَفائر شعري، عليك السّلامُ.
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
رأيت على البحر إبريلَ
قلتُ: نسيتِ انتباه يديكِ
نسيتِ التّراتيلَ فوق جروحي
فَكَمْ مَرَّةً تستطيعين أَن تُولَدي في منامي
وَكَمْ مَرَّةً تستطيعين أن تقتليني لأصْرُخَ:
أني أحبُّكِ..
كي تستريحي ؟
أناديكِ قبل الكلامِ
أطير بخصركِ قبل وصولي إليكِ
فكم مَرَّةً تستطيعين أن تَضَعِي في مناقير هذا الحمامِ ..عناوينَ روحي
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
إلى أين تأخذني يا حبيبيَ من والديّ
ومن شجري، ومن سريري الصّغير، ومن ضجري..
من مرايايَ من قمري .. من خزانة عمري ومن سهري ..
من ثيابي ومن خَفَري ؟
إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين
تُشعل في أُذنيَّ البراري، تُحملني موجتين
وتكسر ضلعين، تشربني ثمّ توقدني، ثمّ
تتركني في طريق الهواء إليكِ
حرامٌ ... حرامٌ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
لأنّي أحبّك خاصرتي نازفهْ
وأركض من وَجَعي في ليالٍ يُوَسِّعها الخوفُ مما أخافُ..
تعالي كثيراً، وغيبي قليلاً
تعالي قليلاً، وغيبي كثيراً
تعالي تعالي ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفهْ
أحبُّكِ إذْ أشتهيكِ، أُحبُّك إذْ أشتهيك
وأحضُنُ هذا الشُعاعَ المطَّوق بالنّحل
والوردة الخاطفهْ ..
أحبّك يا لعنة العاطفهْ
أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تَصِلْ...
أُحبُّكِ إذْ أشتهيكِ
أحبّك يا جسداً يخلق الذّكريات ويقتلها قبل أن تكتملْ ..
أُحبُّكِ إذْ أشتهيكِ
أُطوِّع روحي على هيئة القدمين، على هيئة الجنَّتين...
أحكُّ جروحي بأطراف صمتك .. والعاصفهْ
أموتُ ليجلس فوق يديكِ الكلامُ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
لأنّي أُحبُّك " يجرحني الماءُ"
والطرقاتُ إلى البحر تجرحني
والفراشةُ تجرحني
وأذانُ النّهار على ضوء زنديك يجرحني
يا حبيبي، أُناديكَ طيلة نومي...
أخاف انتباه الكلام
أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيَّ تبكي
لأني أحبُّك يجرحني الظلُّ تحت المصابيح، يجرحني..
طائرٌ في السّماء البعيدة، عِطْرُ البنفسج يجرحني..
أوَِّل البحر يجرحني
آخِرُ البحر يجرحني
ليتني لا أُحبُّك
يا ليتني لا أُحبُّ
ليشفى الرّخامُ
أراكِ فأنجوا من الموت، جسمُكِ مرفأْ
بعشرِ زنابقَ بيضاء، عشر أناملَ تمضي السّماءُ
إلى أزرقٍ ضاع منها
وأُمْسِكُ هذا البهاء الرخاميّ، وأُمْسِكُ رائحةً للحليب المُخبَّأْ..
في خوختين على مرمر، ثُمّ أعبد مَنْ يمنح البرَّ والبحر ملجأْ ..
على ضفَّة الملح والعسل الأوَّلين، سأشرب خَرُّوبَ لَيْلِكِ... ثم أنامُ
على حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتّى الشّهيق، فيصدأْ..
أراك فأنجو من الموت. جسمك مرفأْ
فكيف تُشَرِّدني الأرضُ في الأرض
كيف ينامُ المنامُ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
حبيبي أخَافُ سكوتَ يديكْ
فَحُكَّ دمي كي تنام الفرسْ
حبيبي، تطيرُ إناثُ الطيور إليكْ
فخذني أنا زوجةً أو نَفَسْ
حبيبي، سأبقى ليكبر فُستُقُ صدري لديكْ
ويجتثِّني مِنْ خُطََاك الحَرَسْ
حبيبي، سأبكي عليكَ عليكَ عليكْ
لأنك سطحُ سمائي
وجسميَ أرضُكَ في الأرضِ
جسمي مقَامُ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
رأيتُ على جسر أندلُسَ الحبّ والحاسَّة السّادسهْ ..
على وردة يابسهْ
أعاد لها قلبَها
وقال: يكلّفني الحُبُّ ما لا أُحبُّ
يكلفني حُبَّها
ونام القمرْ
على ختام ينكسرْ
وطار الحمامُ
رأيتُ على الجسر أندلُسَ الحبّ والحاسَّة السّادسهْ ..
على دمعةٍ يائسهْ
أعادتْ له قلبَهُ
وقالت: يكلّفني الحُبُّ ما لا أُحبُّ
يكلفني حُبَّهُ
ونام القمرْ
على ختام ينكسرْ
وطار الحمامُ
وحطَّ على الجسر والعاشِقْينِ الظلامُ
يطيرُ الحمامُ ...
شارك المقالة
Post a Comment